كتاب مبسط في التحليل الفني 

مقدمة

التحليل الفني هو أحد أهم الأدوات التي يعتمد عليها المستثمرون والمتداولون لفهم حركة الأسعار في الأسواق المالية. يقوم هذا الأسلوب على دراسة الرسوم البيانية (Charts) والأنماط السلوكية لحركة الأسعار، بهدف التنبؤ باتجاهاتها المستقبلية. وعلى عكس التحليل المالي الذي يركز على النتائج المالية للشركات، فإن التحليل الفني يعتمد بشكل أساسي على حركة السوق نفسها، تحت مبدأ أن "السعر يعكس كل شيء".

---

لمحة تاريخية عن التحليل الفني

يعود تاريخ التحليل الفني إلى القرن السابع عشر في اليابان مع ظهور ما يعرف بـ شموع الشموع اليابانية التي كان يستخدمها التجار لتوقع أسعار الأرز.
وفي القرن التاسع عشر، قام الصحفي الاقتصادي تشارلز داو – مؤسس مؤشر داو جونز – بوضع الأسس الحديثة للتحليل الفني من خلال ما يعرف بـ "نظرية داو"، التي اعتبرت أن الأسعار تتحرك في اتجاهات يمكن التعرف عليها وتحليلها.
ومع مرور الوقت، تطور التحليل الفني بشكل كبير بفضل انتشار البورصات واستخدام الحواسيب والبرمجيات، فأصبح علماً متكاملاً يعتمد عليه ملايين المتداولين حول العالم.

---

أهمية التحليل الفني

تبرز أهمية التحليل الفني في النقاط التالية:

1. تحديد اتجاهات السوق: يساعد على معرفة ما إذا كان السوق في اتجاه صاعد، هابط، أو عرضي.

2. توقيت القرارات: يمنح المستثمر القدرة على اختيار اللحظة المناسبة للدخول أو الخروج من الصفقة.

3. بساطة التطبيق: لا يحتاج المتداول إلى دراسة معمقة في المحاسبة أو القوائم المالية، بل يركز فقط على حركة السعر.

4. التكيف مع أي سوق: يمكن استخدامه في الأسهم، العملات، السلع، وحتى العملات الرقمية.

---

أبرز المستثمرين والمتداولين المعتمدين على التحليل الفني

• تشارلز داو: مؤسس نظرية داو التي شكلت حجر الأساس للتحليل الفني الحديث.

• جون ميرفي: مؤلف كتاب "التحليل الفني للأسواق المالية"، من أشهر المراجع العالمية في هذا المجال.

• مارتن برينغ: خبير معروف وله مؤلفات عدة تشرح استراتيجيات التداول الفني.

• إضافة إلى ذلك، يعتمد آلاف المتداولين اليوم – خاصة في أسواق الفوركس والكريبتو – بشكل كامل على الأدوات الفنية لاتخاذ قراراتهم.

---

العناصر الأساسية للتحليل الفني

يتضمن التحليل الفني العديد من الأدوات والمؤشرات، وأبرزها:

1. الرسوم البيانية (Charts): الخطية، العمودية، والشموع اليابانية.

2. الاتجاهات (Trends): صاعدة، هابطة، أو جانبية.

3. مستويات الدعم والمقاومة: نقاط حرجة تعكس سلوك العرض والطلب.

4. المؤشرات الفنية مثل:

   • المتوسطات المتحركة (Moving Averages).

   • مؤشر القوة النسبية (RSI).

   • مؤشر الماكد (MACD).

5. أنماط الأسعار: مثل الرأس والكتفين، المثلثات، القمم والقيعان المزدوجة.

6. حجم التداول: عامل مهم لتأكيد الاتجاهات أو الانعكاسات.

---

كيف نعرف تحوّل الشركات من الخسارة إلى الربحية عبر التحليل الفني؟

التحليل الفني لا يدرس القوائم المالية مباشرة، لكنه يساعد على رصد تحولات جوهرية في سلوك المستثمرين تجاه السهم. ومن أبرز الإشارات:

• اختراق مستويات المقاومة القوية مع زيادة في حجم التداول.

• تكوين قاع صاعد جديد بعد فترة هبوط طويلة، ما يشير إلى تغير الاتجاه.

• ظهور أنماط انعكاسية مثل الرأس والكتفين المقلوب أو القاع المزدوج.

• مؤشرات الزخم مثل RSI تظهر خروج السهم من منطقة تشبع بيعي (Oversold).

---

كيف نعرف استمرار الربحية على المدى الطويل؟

يمكن استخدام أدوات التحليل الفني للتأكد من استدامة الاتجاه الإيجابي للشركات:

1. استقرار الاتجاه الصاعد عبر سلسلة من القمم والقيعان الصاعدة.

2. الثبات فوق متوسطات متحركة رئيسية مثل 50 يوم أو 200 يوم.

3. حجم تداول متزايد مع كل موجة صعود، ما يعكس ثقة المستثمرين.

4. غياب إشارات انعكاس قوية مثل الكسر دون مستويات دعم محورية.

5. المؤشرات طويلة المدى مثل MACD الأسبوعي أو الشهري تدعم الاتجاه.

---

خاتمة

التحليل الفني أداة لا غنى عنها في يد أي مستثمر أو متداول، فهو يتيح فهم حركة الأسعار وتوقع اتجاهها المستقبلي بطريقة علمية ومنهجية. وعلى الرغم من أن البعض يفضل التحليل المالي التقليدي، إلا أن الجمع بينهما غالباً ما يمنح رؤية أوضح للسوق.
وفي النهاية، يبقى التحليل الفني فناً وعِلماً في الوقت ذاته، يتطلب ممارسة مستمرة وفهماً عميقاً للسلوك النفسي للمستثمرين.